"بنوك الحليب" جائزة و"بنوك المني" الأصل فيها المنع
أكد العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن تبرع النساء بما هو زائد لديهن من لبن الرضاعة لصالح "بنوك الحليب" التي تقدمه بدورها للأطفال ناقصي النمو يعد من باب فعل الخيرات، مفندًا ما يقوله البعض من أن تلك البنوك قد تؤدي لاختلاط الأنساب.
واعتبر العلامة القرضاوي أن احتمال زواج شاب وفتاة رضعا معًا من أحد هذه البنوك يعد أمرًا بعيدًا، وحتى إذا حدث ذلك فإنه لا تنطبق عليه أحكام الرضاع المحرمة، مشددًا على أن الرضاع في اللغة يعني: التقام الطفل للثدي بفمه وامتصاص اللبن منه، وهو ما لا يتحقق في هذه الحالة.
جاء ذلك خلال حلقة الخميس 3 سبتمبر من برنامج "فقه الحياة" الذي يذاع يوميًا طوال شهر رمضان على قناة "أنا" الفضائية (تردد 12226 أفقي نايل سات ) ويقدمه أكرم كساب، حيث تناولت الحلقة بعض الأمور الطبية المستحدثة مثل بنوك الحليب وبنوك المني وعمليات تحديد نوع الجنين.
وبالنسبة لبنوك المني، أشار القرضاوي إلى أن الأصل فيها هو المنع، لكن يباح أن يحتفظ بمني الرجل أو بويضة المرأة لضرورة طبيبة؛ من أجل إتمام عملية التخصيب، على أن يتم التخلص من المني أو البويضات المتبقية فور انقضاء الحاجة إليها.
كما رأى فضيلته أن عمليات تحديد نوع الجنين، بغض النظر عن طريقتها، تجوز في بعض الحالات، مثل أن يكون لدى رجل عدد كبير من الأبناء الإناث ويحتاج إلى ذكر أو العكس، كذلك يمكن للدولة أن تلجأ لهذا الأمر إذا حدث اختلال كبير في التوازن بين أعداد الجنسين، كما في الحروب.
* بنوك الحليب وكذلك بنوك المني، أمور استحدثت في هذا العصر، وأصبح لها رواج خصوصًا في الغرب، فما حكمها؟
- بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا، وإمامنا، وأسوتنا، وحبيبنا، ومعلمنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد..
فإن بنوك الحليب هي مما استحدثه هذا العصر، ونشأت في بلاد الغرب، وهي لا علاقة لها بعمليات التلقيح الصناعي، إنما تتعلق بالمواليد الذين يولدون قبل أوانهم، أي في الشهر السابع أو الثامن من الحمل، ويسمون "الأطفال الخديج"، حيث يعانون نقصًا في النمو، ويحتاجون إلى أن يوضعوا في حضانات صناعية، لأن الأم لا تستطيع أن تعطيهم من لبنها، ودائمًا الأطباء حريصون على أن يرضع الطفل من الحليب البشري، والله سبحانه وتعالى أجرى في صدر الأم هذين العرقين، يدران لبنًا خالصًا دافئًا في الشتاء، باردًا في الصيف.
إذن كيف يأتون بهذا اللبن؟ يطلبون التبرع من الأمهات، فبعض الأمهات عندهن فائض من اللبن، وبعضهن كثيرة الحليب، وعندها فائض، أو قد يكون طفلها توفي ومازال عندها لبن، وتستطيع من باب فعل الخير، أن تساهم في هذا.
* بقاء اللبن بكثرة في صدر الأم قد يؤذيها؟
- نعم قد يؤذيها كثيرًا، وأحيانًا يترتب عليه عمليات جراحية، فتم إنشاء هذه البنوك، لا لتجمع الأموال والنقود، ولكن لتجمع اللبن، وفي مصر يسمونها بنوك اللبن، وفي البلاد العربية الأخرى يسمونها "بنوك الحليب" لأن كلمة "لبن" في بعض البلاد تعني "اللبن الرايب"، إنما نحن في مصر نقول "اللبن الحليب"، وهذا كما ذكره القرآن (مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِّلشَّارِبِينَ) وأي كانت التسمية فهذه الألبان تجمع من أمهات مختلفات في الدين، وفي الطبقة، وفي العرق، وتأتي وتوضع في هذا المكان، حتى يستفيد منها هؤلاء الأطفال.
اختلاط الأنساب
* اللبن يتم تجميعه من نساء شتى، ألا يؤدي هذا إلى الاختلاط أو الريبة على الأقل في النسب؟
- أي نسب؟ هذا اللبن يأخذه الطفل، ولا حرج في أن المرأة تعطي اللبن، وجزاها الله خيرًا، ولا حرج في أن الطفل يرضع من هذا اللبن، والخطر من هذه العملية أنه ربما عندما يأتي الولد للزواج قد تكون البنت التي سيتزوجها قد رضعت معه من هذا اللبن أو البنت تتزوج واحدًا رضع معها من هذه البنوك، وهذا احتمال بعيد جدًّا، وقد بحث هذا الأمر في المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية في الكويت، وقدمت فيه بحثًا، انتهيت فيه إلى أنه لا حرج في إقامة بنوك الحليب إذا احتاج الناس إليها؛ لأن الخطر الذي يخاف الناس منه، وهو أن يتزوج الفتى من فتاة رضعت معه، هو احتمال بعيد.
* هذا الحليب يباع ويشترى أم فقط يكون تبرعًا؟
- الأصل أن النساء يتبرعن به، لكن لو فرض أنه حدثت حاجة إلى هذه الألبان، فهذه البنوك يمكن أن تشتري اللبن، كما في عملية نقل الدم، فالتبرع هو الأصل، لكن لو فرض أن أحد المستشفيات احتاج إلى دم لعمليات جراحية، فلا مانع من أن يشتري الدم.
* ما حكم هذا المال المأخوذ من بيع اللبن أو من بيع الدم؟
- بيع الدم فيه إشكال، لكن بيع اللبن ليس فيه شيء ؛ لأنه لا يعدو أن يكون استئجارًا للمرأة من أجل الإرضاع، بمعنى نستأجر المرأة ونعطيها أجرة من أجل إرضاع الطفل، فلا مانع من أن نشتري منها حلبة بحلبة أو مرة بمرة، لكن الفكرة الأساسية التي تقوم عليها هذه البنوك هي تبرع الأمهات، صاحبات اللبن.
* هل القائمون على المؤسسات التي تقوم برعاية هذه البنوك يمارسون عملاً خيريًا يثابون عليه؟
- ذلك حسب النية، "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"، ماذا ينوون بإقامة هذا العمل؟ وما هدفهم؟ إذا كان هدفهم هو مساعدة هذه المخلوقات الضعيفة التي تحتاج إلى اللبن؛ لأنه المكون الأساسي لغذاء الطفل في هذه الفترة، فهو عمل صالح من غير شك، ويجب أن يشجع، والإسلام يحرص على حياة الناس، وحياة الطفولة، بصفة خاصة، ونزل في إرضاع الطفل آية طويلة (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نُفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) والإمام الرازي يقول إن هذه الآية من رحمة الله، فتفصيل كل هذا جاء لأجل هذا المخلوق وتوفير غذائه، وحتى لا يدخل تكايد الرجل والمرأة في الأمر، فالمرأة كي تكيد زوجها يمكن أن تترك ابنها يموت وهو محتاج إلى الرضاعة ولا تعطيه ثدييها، والله عني بهذا الأمر.
* هل هذا يدخل تحت قوله تعالى: (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً)؟
- نعم، هو إحياء لنفس من غير شك في مرحلة من أخطر المراحل، وهي مرحلة التكوين الأولى والتي إذا لم يجد فيها الإنسان غذاءه ضاع.
الرضاع المحرم
* ما المقصود بالرضاع، وما ضوابط الرضاعة الذي يحرم بها الزواج؟
- أنا مع الأئمة الذين قالوا إن كلمة "الرضاع" في اللغة، أي لغة القرآن والسنة، إذا ذكرت تعني التقام الطفل للثدي بفمه وامتصاص اللبن من ثدي المرأة، وجمهور الفقهاء على غير هذا، إنما هذا مذهب الإمام الليث بن سعد، وهي رواية عن الإمام أحمد، وأيدها بعض العلماء وهو مذهب الظاهرية، وابن حزم يقول لا رضاعة إلا ما التقم بالفم، وبغير هذا لا يسمى رضاعًا، خصوصًا إذا أضفنا قوله تعالى في آية المحرمات، فالقرآن ذكر التحريم بالرضاعة بهذه الصيغة (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ) فالآية أثبتت الأمومة، فهل هذا البنك حدثت فيه الأمومة، وأنا في رأيي أن عملية الرضاعة لماذا حرمت؟ حرمت لأن الطفل حينما تأخذه المرأة وتضمه إلى صدرها وتلقمه ثديها، ليس فقط تطعمه اللبن، وإنما تطعمه مع اللبن الحنان، والعاطفة، والحب، وهذه المعاني التي أثبتت الأمومة، وليس مجرد رضعة.
* لعل البعض يقول لماذا لا نأخذ بالأحوط، ونخرج عن هذا الخلاف؟
- أولاً قبل مسألة الأحوط، الإسلام هنا لم يحرم الزواج بأي رضاعة، ولكن جعل شروطًا، منها: أن يكون الرضاع في الحولين، فلا رضاعة بعد الحولين، وكذلك المقدار المحدد، فهناك من يحرم بالقطرة، مع أنه جاء في بعض الأحاديث أن الرضاع الذي يحرم هو "ما أنبت اللحم وأنشز العظم"، والمذهب الذي آخذ به هو خمس رضعات مشبعات.
* كذلك متفرقات؟
- نعم، فما دون ذلك لا يشبع، وبعض المذاهب يقول: خمس رضعات مشبعات معلومات، ومن هنا أقول إن هذه الرضعات غير معلومة، فلا معلوم كم هذه المرأة قد أعطت من لبنها، ولا معلوم كم عمر الطفل في هذا الوقت، فهناك جهالة والجهالة لا يترتب عليها حكم، وبعض المذاهب قالت إنه إذا اختلط اللبن بعضه ببعض لم يثبت منه تحريم؛ لأن التحريم للبن الخالص، إنما إذا اختلط لبن امرأة بأخرى، لا يحرم لبن أحدهما.
فهذه لابد أن توضع في الحساب قبل أن نذهب إلى الأحوط، ثم أي أحوطية في هذا؟ وما معنى التشديد على الناس في هذا الأمر؟ أنا أقول دائمًا إنه إذا كان هناك قولان متكافئان أو متقاربان أحدهما أحوط والآخر أيسر، بماذا أفتي عموم الناس؟ بعض الناس يأخذ بالأحوط، ويصبح الدين في هذه الحالة مجموعة أحوطيات متراكمة، ثم ما معنى أحوط؟ إنها تعني أشد وأثقل، وتراكم الأحوطيات يصبح آصارًا وأغلالاً، بعث محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليضعها عن الناس (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) و(رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا) فإذا كان هناك بعض الناس يميل إلى الأحوط، فأنا في هذه القضايا أميل إلى الأيسر.
وبعض الناس قال لي: لماذا تميل إلى الأيسر؟ ما دليلك في هذا؟ قلت له: دليلي أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، خصوصًا ما يتعلق بعموم الناس، فالناس فيهم القوي والضعيف، والصحيح والمريض، والشاب والشيخ، فنراعي عموم الناس.
* هل اللبن المجفف الذي يؤخذ من الأمهات ويجفف، يأخذ نفس حكم اللبن السائل، حيث إنه في هذه الحالة سيكون معلوم المصدر؟
- الذين يقولون إن المهم في الرضاعة المحرمة هو أن يصل اللبن إلى الطفل بأي طريقة، بالفنجان، بالكوب، بالحلق، بالأذن، بالأنف، هؤلاء لا يهمهم أن يكون مجففًا أم غير مجفف، إنما أنا مذهبي أنه لا بد أن يكون لبنًا سائلاً يرضع من ثدي الأم، وهذا الذي أراه في الرضاعة المحرمة حتى تثبت الأمومة وتثبت الإخوة، (أُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ) كيف تثبت الأمومة من غير ما يلتقم صدرها؟ وكيف تثبت الإخوة من هذه الأمومة؟
- أصل التحريم بالرضاعة ما هو؟ أصله ما كان عند العرب في الجاهلية، حيث كانوا يسترضعون النساء، ويعيش الطفل عند المرأة وعند أهلها في البادية، كما فعل النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ عند حليمة السعدية وبني سعد، وأصبحت هذه المرأة أمه وعاش معها سنتين، وأصبح أولادها إخوة له، فهذا هو الأصل، ولابد أن يكون عندنا نظر ولو من بعيد إلى هذا الأصل، والذي هو أساس التحريم.
* ما حكم شهادة المرأة في موضوع الرضاع، هل تقبل شهادتها؟
- نعم تقبل شهادة المرأة، ونحن أشرنا إلى هذا عند الكلام عن شهادة المرأة، فشهادة امرأة واحدة تكفي فى هذه القضية، مادامت امرأة ثقة وليست متهمة أو موضع شك، بحيث إنها تريد أن تحرم هذا الفتى، أو أن تبيحه، أو لها هدف أو منفعة، فإذا لم يكن هناك اتهام ، فالأصل قبول شهادة هذه المرأة.
بنوك المني
* ننتقل إلى موضوع بنوك المني، وهذا أيضًا من مستجدات هذا العصر، هل ينطبق عليه نفس حكم بنوك الرضاعة؟
- لا، الأمر مختلف طبعًا، فالأصل في بنوك المني هو المنع، فأخذ مني الرجل وتخزينه لا يجوز إلا لضرورة معينة، كأن تكون هناك مشكلة في قضية الحمل، أو أن يكون لدى المرأة مشكلة في تلقي الحيوان المنوي، ويضطروا لعمل ما يسمى أطفال الأنابيب، حيث يوضع الحيوان المنوي مع البويضة في أنبوب في الخارج، ولهذا إجراءات معروفة. كما أنه أحيانًا تؤخذ الحيوانات المنوية من الرجل وتجمد، وتؤخذ بويضات من المرأة وتجمد، حتى يأتي وقت معين لحدوث الالتقاء بين مني الرجل وبويضة المرأة، وحصول التلاقح.
وهذا لابد أن يكون لضرورة معينة، وإذا تمت العملية فلا ينبغي أن يبقى هذا المني، فالمني يجمد للحاجة فقط، ومع اليقظة والحذر، فهذه الأشياء يمكن التلاعب بها، واحد يشتري منيًأ، أو امرأة تشتري منيًا ؛ لأنها تعرف أن زوجها لا يستطيع الإنجاب، كما أن الإهمال يمكن أن يؤدي إلى أن يختلط ماء رجل بماء رجل آخر، فتختلط الأنساب، ولذا فلابد من أن يتم ذلك تحت إشراف وبعناية وكل شيء يبقى محددًا بالضبط، ومحفوظًا في مكان أمين، وهناك ناس ثقاة يتولون مسئولية ذلك.
* إذن أنتم تجيزون هذا بالنسبة للزوج والزوجة، لكن ماذا لو تم الاحتفاظ بهذا المني وتم التلقيح ببويضة الزوجة بعد وفاة الزوج؟
- لقد انقطعت العلاقة الزوجية بالوفاة، ومادامت انقطعت فلا يجوز أن نلقح المرأة بماء الرجل، أو نلقح البويضة، وإذا مات الرجل وليس له ولد، لا يصح أن نعمل له ولدًا.
* لو افترضنا، ولو أن فضيلتكم لا تجيزون هذه الافتراضات، أنه وقع مثل هذا الأمر والمرأة قالت هذا زوجي، ماذا عن الولد؟
- لا يعترف به شرعًا.
* وهل يعتبر زنا؟
- له حكم الزنا، ولكن لا يعتبر زنا، ولا يقام عليها حد؛ لأنه لم ينتهك أحد حرمتها، إنما له آثار الزنا.
مسائل وأحكام
* البعض من باب تحسين النسل ربما يتزوج امرأة جميلة للحصول على بويضة منها أو امرأة تتزوج رجلًا جميلًا أو نابغة من أجل الحصول على مني منه، ثم بعد ذلك يتم الطلاق، لو تم الزواج بهذه الحالة، وأخذ الحيوان المنوي من الرجل أو أخذت البويضة من المرأة، وتم التلقيح خلال هذه الحياة الزوجية المؤقتة، فما الحكم ؟
- ما معنى زوجية مؤقتة، تزوجت أم لم تتزوج؟
تزوجت.
وتم العقد على كتاب الله وعلى سنة رسول الله أم لا؟
- عقد
- مادامت الحياة الزوجية قائمة، فمن حقهما أن ينجبا، وإذا لم ينجبا إلا بالطريق الصناعي فهذا لا مانع منه، وإذا كانا ينجبان بالطريقة العادية فلا معنى للجوء لطريق آخر.
* في بعض الحالات المستعصية، يتم تخصيب أكثر من بويضة، ويتم زرع واحدة في الرحم، وتترك البويضات الباقية مجمدة لدى الجهات الصحية، فماذا نصنع في هذه الأجنة؟
- قد تحتاج المرأة في هذه الحالة إلى جنين واحد، وقد تحتاج إلى أكثر من جنين، والأطباء من باب الاحتياط أحيانًا يقولون سنأخذ جنينين، أو ثلاثة، أو أربعة؛ لأنها تقتصر في النهاية على واحد أو اثنين، ولذا فلا مانع من أن تأخذ منها ما يقرره الطبيب، فإذا نجحت العملية ينبغي أن تتخلص من هذه الأجنة، كذلك بالنسبة للمني المجمد، فما زاد عن الحاجة إذا نجحت العملية، يجب أن يتخلص منه، تحسبًا من أن يحدث أي إهمال أو خطأ أو تلاعب.
* إذا كانت الزوجة في طلاق رجعي، هل يجوز لها استخدام هذه البويضات المخصبة؟
- إذا كان ذلك بإذن الزوج، ونعتبر هذا النوع كأنه رجعة، وكثير من العلماء قالوا إنه إذا جامع الرجل زوجته في عدتها الرجعية، يعتبر هذا الجماع بمثابة رجعة، وكذا إذا ذهب إلى الطبيب وقال نريد عمل ذلك، فهذا يعتبر نوعًا من الرجعة.
* ولو ذهبت هي بنفسها دون أن ترجع لزوجها؟- لا، لا يجوز.
نوع الجنين
* ننتقل إلى موضوع تحديد نوع الجنين، هل تدخل العلم في معرفة الجنين، يعارض قول الله سبحانه وتعالى: (وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ)؟
- لا ليس معارضًا؛ لأن قوله تعالى (وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ) يعني أنه يعلم كل ما يتعلق بما في الأرحام، يعلم أنه ذكر أم أنثى وهذا هو المشهور، ولكن يعلم أيضا هل يصل هذا الحمل إلى نهايته أم يسقط قبل نهايته، وهل يولد مكتملاً أم يولد ناقصًا، وهل يكون سليمًا أم مشوهًا، وهل يعيش مدة الطفولة أم يموت في الطفولة، وهل يعمر عمرًا طويلاً، وهل يكون ذكيًا أم غبيًا، وضعيفًا أم قويًا، وسعيدًا أم شقيًا، كل هذا يتعلق بـ (وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ)، إنما الطبيب لا يعلم إلا أنه ذكر أو أنثى.
والسؤال الذي يسأل في هذه القضية هو: هل يجوز للرجل أو المرأة أن يطلب من الطبيب أنه محتاج إلى ذكر، أو قد يكون العكس رجل امرأته أنجبت عددًا من الذكور وفي حاجة إلى أنثى، وأنا أرى أنه لا مانع من ذلك، إذا كان يؤدي غرضًا معينًا، مثلًا أب يريد طفلًا ذكرًا على عدد من الإناث أو أنثى على عدد من الذكور، إنما أن يريد الأب كل أولاده إناثًا، أو كل أولاده ذكورًا فهذا ليس مقبولاً.
* وهل هذا يتعارض مع قوله تعالى: (يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ)؟
- هذا كله هبة من الله، ولا يستطيع الإنسان أن يفعل شيئًا دون مشيئة الله، وهناك أناس تضيق بالأنثى مثل أهل الجاهلية (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَداًّ وَهُوَ كَظِيمٌ)، ونحن لا نريد هذه النظرة إلى الأنثى، فهي هبة من الله وربنا بدأ بقوله (يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثاً) وهذا جعل الناس خصوصًا في مصر يقولون "خير النساء من بكرت بأنثى"، أخذن ذلك من إشارة الآية (يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثاً)
* هناك أكثر من نوع في قضية تحديد نوع الجنين، هناك نوع يستخدمه الأطباء من خلال اختيار الحيوان المنوي وما إلى ذلك، وهناك نوع آخر أقرب ما يكون إلى الطرق الشعبية، مثل اختيار أطعمة معينة، فهل هذا أيضًا لا شيء فيه؟
- نعم لأنها مبنية على دراسات معينة، سواء فيما يتعلق بأنواع الأطعمة من قلوية أو حمضية، أو حتى إذا تم الأمر خلال عملية التلقيح الصناعي، حيث تكون أسهل؛ لأنه يأخذ الكروموزومات، ويأخذ من الأنثويات أو من الذكريات، وهذه لها طرقها العلمية المعروفة، فلا مانع من هذا.
* ما حكم الطبيب الذي يذهب إليه الأزواج، ويطلبون تحديد نوع الجنين، هل يسألهم ليتأكد من احتياجهم لذلك، وهل يتحرى عن حالهم أم ماذا يصنع الطبيب؟
- أحب أن أذكر في هذا الأمر شيئًا مهمًا، فمن الدلائل على وجود الله تبارك وتعالى سبحانه، وأنه يحكم هذا الكون ويضع كل شيء فيه بحساب، (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً)، (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)، و(وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ)، إنه من دلائل القدرة الإلهية والإحكام في هذا الكون، أنه على طول التاريخ كان عدد الذكور وعدد الإناث متقاربًا خمسون وخمسون أو تسعة وأربعون وواحد وخمسون وهكذا، بينما لو ترك الأمر للناس، فإن معظمهم يحتاجون إلى الذكور أو يحبون الذكور أكثر من الإناث للأسف.
مع أن الحياة لا يمكن أن تكون إلا بالجنسين معًا، فلا بد من ذكر وأنثى، آدم وحواء، فهذا من الدلائل، ولكن أحيانًا يحدث لبعض الأفراد أو لبعض الأمم أشياء تحتاج إلى التدخل، فكما ذكرت أن بعض الأسر ممكن المرأة تلد تسع بنات والزوج يريد ذكرًا، وفي مثل هذه الحالة لا مانع من أن يستجيب الطبيب له، ومن حق الطبيب أن يسأل: هل صحيح أن هذا الرجل امرأته عندها تسع بنات، حتى لا يقع في حرج أو إثم.
* إذا كانت الدولة في حاجة إلى نوعية معينة، فمثلاً في حالة الحروب قد يقضى على عدد كبير من الرجال، هل هنا الدولة تتدخل لأنها تحتاج إلى ذكور؟
- إن من عجائب الأقدار أن الطبيعة تصلح نفسها، فبعد الحروب، كما في ألمانيا وبعض البلاد، النساء كانت معظم ولادتهن ذكورًا، وما من بشر نظم هذا الأمر، ونحن نقول هذا صنع القدر الأعلى الذي يشرف على الكون، وهم يقولون من صنع الطبيعة، والطبيعة تعني عندنا قدر الله سبحانه وتعالى.
وإذا كانت الدولة تعاني نقصًا حادًا في الذكور، وفي حاجة إلى تكوين الجيش، وإلى حماية الأمة، فلا مانع أن الدولة تستعين بالأطباء، وبالعلماء البيولوجيين، وبالمتخصصين، حتى تحدث التوازن المطلوب كما هو صنع الله في هذا الكون
No comments:
Post a Comment